تؤكد هذه الدراسة على أهمية عدم اعتماد المصالح الاقتصادية والتجارية للصين وروسيا في الدول العربية كمحدد رئيس لمسلك هاتين الدولتين تجاه ثورات الربيع العربي. إذ حاولت كثير من التحليلات تفسير المسلك الصيني الروسي بالتركيز على المصالح الاقتصادية. كما اتسم قسم آخر من هذه التحليلات بالمعالجة الجزئية، أو بإغفال وضع هذه المصالح في سياق يربط بين الدوافع الإستراتيجية لهذين الفاعلين المهمّين، ومصالحهما الوطنية الداخلية. تعرض هذه الدراسة أربعة مداخل مختلفة، لفهم السلوك الصيني الروسي، على خلفية الأزمات الإقليمية والدولية التي تطورت في المنطقة - خاصة الأزمة السورية – في سياق متصل مع أزمات إقليمية سابقة، كأزمة الحرب الروسية - الجورجية. وعلى الرغم من أهمية الدوافع الاقتصادية، فالدراسة لا تعتمدها مدخلًا متمايزًا لفهم السلوك الصيني أو الروسي، بل تعرض لدراسة مستويات مختلفة للتداعيات الإستراتيجية المتوقعة للسياسة الروسية - الصينية تجاه مرحلة الربيع العربي، بدءًا بحدوث تحوّل في هيكل النظام وطبيعته، وانتقاله من أحادية القطبية الراهنة إلى تعدديتها، أو الاكتفاء بالحفاظ على مبدأ السيادة بمعناه التقليدي.