تُعدّ الحرب أبشع ما يمكن أن تواجهه البشرية، بدليل أنّ نهايتها لا تعني أبدًا نهاية مآسيها، وأنّ آثارها تشمل عددًا غير محدود من السنوات والأجيال؛ وذلك لأنها تسمح باقتراف كلّ أنواع الجرائم. وقد تنطبق عليها مقولة المفكر الفرنسي غاستون بوتول Gaston Boutoule "لا تعدُّ الحرب وسيلةً لنا، بل نحن الذين نعدُّ وسائل لها". ومع التسليم بأنّ الحرب ظاهرة إنسانية متأصلة في تاريخ البشر، فإنه لا بد من الاعتراف بأنّ الأمل في السلم متأصل، أيضًا، في طبيعة البشر. من أجل ذلك، عرف العالم من الحروب بقدر ما عرف من جهد لإطفاء فتيل الحرب وتقنينها. لذا، فإنّ تتبُّع مسيرة الحرب في مجاليْ تحريمها وتقنينها يسمح بإدراك مساهمات جميع العصور بحضاراتها وديانتيها الأكثر انتشارًا في تكوين الإرث القانوني الإنساني.