تحتل أوكرانيا موقعًا حساسًا بين روسيا وأعضاء حلف شمال الأطلسي؛ إذ تعد حاليًا الدولة الفاصلة الأكبر بينهما، كما تحتل أكثر من نصف مساحة "البوابة الشرقية" المؤدية إلى أوروبا، وهي تعدها بوابةً لعبور التهديدات تاريخيًا. ويستهدف استمرار عمليات الإدماج والشراكة الأوروبية والأطلسية تقليصَ نفوذ روسيا في تلك المنطقة وإحكام السيطرة عليها. أما روسيا التي بات يؤرقها وصول نفوذ الغرب إلى جوارها المباشر والواسع، فلا تستطيع أن تترك أوكرانيا لتصبح جزءًا من منظومته الأمنية والاقتصادية؛ إذ فضلًا عن المشاعر القومية الروسية تجاهها، فإنها تعتبر ضمن "منطقة المصالح المتميزة" والحصن الإستراتيجي الأخير الذي يعزلها عن الغرب وحلفائه. إنّ التوتر العالمي الذي أحدثته أزمة أوكرانيا وتهديدها علاقات فاعلين دوليين كبيرين، يستدعي مناقشة الإطار الأوسع لمكانتها في الرؤى الإستراتيجية الغربية والروسية. كما تناقش الدراسة أيضًا الدلالات الإستراتيجية لتحرّكات الطرفين عبر قراءة الخريطة السياسية الحالية للمنطقة المحيطة بأوكرانيا، وتركز بشكل أكبر على إستراتيجية الغرب؛ فتناقش احتمالات السلوك المستقبلي الغربي تجاه روسيا ضمن "إطار إستراتيجي كلي" يتناسب وحجم المشكلة وعمقها، وتجيب أخيرًا عن سؤال: لماذا قد تستمر الأزمة؟