منذ عهد الرئيس توماس جيفرسون، مرورا برؤساء القرن العشرين مثال وودرو ويلسون، ورزوفلت، وترومان، وكيندي، ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تتحدث عن نفسها كناشر للديمقراطية في العالم وحام لها ومدافع عنها. على الرغم من كلّ ذلك لم تخجل الولايات المتحدة يومًا من إقامة أحلاف عسكرية وسياسية مع أنظمة استبدادية في أميركا اللاتينية، وأوروبا، وآسيا، وأفريقيا (سالازار في البرتغال، والجنرالات في اليونان، والنظام العسكري في تركيا، وفرانكو في إسبانيا، على سبيل المثال لا الحصر). وهي تبرر تحالفاتها الدولية هذه على أساس أنّ "الدكتاتوريات في العالم ليست كلّها أعداءً للولايات المتحدة، وأنّ أعداءها كلّهم دكتاتوريات". وقد اتبعت في ذلك مسارًا دبلوماسيًّا مزدوجًا؛ ففي الوقت الذي تعمل فيه على نشر الديمقراطية (مباشرةً أو عبر مؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية) لا تتردد في دعم حكومات أوتوقراطية لديها مصالح معها. فعلى أيّ نحوٍ كانت سياسات الولايات المتحدة تجاه التحول الديمقراطي في دول المعسكر الشرقي السابق الأوروبية، عشية انهيار جدار برلين عام 1989 ثمّ غداته، حينما اتفقت القيم والمصالح الأميركية، ثمّ تجاه ما سُميَ "الربيع العربي" عام 2011، وقد اتفقت في هذا السِّياق واختلفت في ذاك، تبعًا لحالة كلّ بلد وأهميته الإستراتيجية من المنظور الأميركي؟ وما هي نتائج هذه السياسات؟ ثمّ ما هي الفروق التي تخرج بها مثل هذه المقارنة بين الحالتين العربية والأوروبية - الشرقية؟