تحاول هذه الدراسة أن تثبت أنّ إطاحة نظام القذافي خلقت حدودًا رمزية وسياسية جديدة في ليبيا تتجاوز الانقسام البسيط بين من كانوا مع الثورة ومن كانوا ضدها. وقد لبست هذه الحدود عباءة الطهارة وعدم الطهارة، والشرف والعار. كما وُظّفت هذه الحدود بإتقان في الصراع المعقّد على السلطة الذي نشأ عقب الانتقال إلى دولة ما بعد القذافي. يرى مؤلف الورقة أن طبيعة نظام القذافي بالغة الشّخصَنة. ولذلك، فقد انهارت الدولة أيضًا عندما انهار المركز. خلّف هذا الأمر وراءه مجموعةً من سماسرة السلطة المحليين؛ من الميليشيات والألوية الثورية وصولًا إلى المجالس المحلية والقبائل والشخصيات المحلية، بما في ذلك أصحاب الميول الإسلامية، وجميعهم يتنافسون على السلطة والنفوذ. فخلق هذه الحدود الرمزية وتجسّدها الموضوعي في الواقع، من شأنه أن يعوق جهد ليبيا لتحويل نفسها إلى دولة قائمة بوظائفها وقابلة للحياة.