تناقش هذه الورقة حالة الحكومة الائتلافية الحالية في تونس التي شكلها الحبيب الصيد، وتقدم قراءة في ملامحها وفي اشكالاتها والتحديات التي تواجهها. فازت الحكومة الجديدة بأغلبيةٍ مريحة غير مسبوقة في حكومات ما بعد الثورة، وهو ما يدل على أنّها مسنودة سياسيًا وحزبيًا. ومع ذلك، يرى آخرون بأنّ تركيبتها لم تأخذ في الحسبان المناطق الطرفية والجهات المحرومة، وبدت ميّالة إلى مركزة السلطة لدى المنتمين إلى الساحل أو العاصمة. ترى الورقة أن الصيد بدا ميّالًا إلى تكريس التعددية في تركيبة حكومته، وبدا معنيًا بالظفر بأكبر نسبة من المؤيدين في مجلس نواب الشعب تمكن حكومته من اجتياز أي امتحان لكسب الثقة. أضاف الصيد في تشكيلته النهائية أحزابًا مهمة؛ وهي "حركة النهضة"، و"آفاق تونس"، و"الجبهة الوطنية". ترى الورقة ايضًا أن تركيبة الحكومة الجديدة تميزت بقيامها على ائتلاف تعددي سياسي/تكنوقراطي واسع جمع بين علمانيين وإسلاميين وغير متحزبين، كما اتسم بتحييد معظم وزارات السيادة. أما "النهضة" فترى الورقة أنها نجحت في اختراق الموقف الإقصائي الصادر عن التيار العلماني/اليساري في "نداء تونس" وحزب "الجبهة الشعبية"، القاضي بعدم إشراكها. كما تناقش الورقة التحديات التي تواجهها الحكومة وفي مقدمتها الملفّ الأمني والملفّ الاقتصادي والملفّ الاجتماعي، وبخاصة الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة التي ظلت تهدّد السلم الاجتماعي والتجربة الديمقراطية في تونس، وتربك الأداء السياسي والاقتصادي للحكومات الانتقالية التي شهدتها البلاد بعد الثورة.