احتل موضوع العدالة الانتقالية مكانةً متميزةً خلال المراحل الأولى لما اصطلح عليه "الربيع العربي"، بوصف هذا الموضوع أحد أهم المداخل المحتملة لتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود، ومعالجة ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، والتي هي من أبرز مطالب منظمات حقوق الإنسان وطنيًا وإقليميًا ودوليًا. وقد وجدت هذه المطالب صداها لدى الفاعلين السياسيين بنسب متفاوتة وحسب سياق كل تجربة. تقدم هذه الورقة مقاربة ومبحث جديدين ضمن الثقافة الحقوقية والسياسية العربية، وفي سياق فورة ثورية عادةً ما يكون فيها سقف المطالب مرتفعًا جدًا. ويعني ذلك أن التمكّن من المرتكزات النظرية وسياقات التجارب الدولية والدروس المستخلصة من كلٍ منها بقيت محدودة، على الرغم من التفاعل الإيجابي لبعض الفاعلين السياسيين مع تلك المطالب التي ارتبطت بـ "حماس" المرحلة. تعرض الورق لتجارب العدالة الانتقالية في الوطن العربي وتقارنها بتجارب البلدان الأخرى عارضةً العقبات والتحديات، ولافتةً النظر إلى أنه لا يمكن لأي شيء غير الكشف عن الحقيقة والسعي وراء الإنصاف أن يخلق الأجواء المعنوية التي يمكن للمصالحة والسلم الازدهار في كنفها.