ما في المستوى السياسي المحض، فقد ظلّ الاستبداد والحكم "الأوليغارشي" السمة البارزة والطاغية على هذه الدول كافة، حتى كادت هذه السلطوية أن تخنق المواطن العربي. وفي ظلّ هذا الوضع، نطرح التساؤل من جديد حول إن بإمكان النزعة التحررّية أن تصبح أفق إصلاح شامل لثقافة شعوب هذه الدول في ظلّ ما تشهده الساحة العربية من توترات سياسية ودينية طائفية مختلفة؟ لا شكّ في أن البحث عن جواب نهائي لهذا السؤال يعدّ مسألة صعبة، بل مهمة محفوفة بالمخاطر ومنزلقات الاختزال الشنيع أو التعميم السلبي. فالربط بين فكرة الإصلاح في الدول العربية بشكل عام، والمنظور التحرّري "الليبرالي" المستورد من السياقات الثقافية الأخرى المغايرة، ليس سوى فرضية غير مضمونة النتائج في ظلّ سياق ثقافي وتاريخي واجتماعي مخالف أصلًا للتربة والثقافة التي نشأت فيها النزعة التحرّرية الغربية وندعو إلى ضرورة بلورة وعي جديد بمفهوم الحرية يكون خاصًا بثقافتنا وفي الوقت نفسه لا يقطعنا عن زمن الحضارة المعاصرة، بحيث يقدر على صوغ تصوّرنا الخاص للتحرّر من النزعة الماضوية والتقليد الفج للغرب.