أضفى تغيّر المعطيات الدولية الخاصة بانهيار المعسكر الشرقي مزيدًا من التحدي على استمرارية تطبيق أهمّ مبدأ حَكم عقيدة السياسة الخارجية الجزائرية منذ الاستقلال (مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول)، وهذا ما أدى إلى ظهور السياسة الخارجية الجزائرية في حالةٍ من الأزمة كلّفت الجزائر تراجع دورها وانحسار تأثيرها الدولي. وترى هذه الدراسة، من خلال مناقشة مقاربة السياسة الخارجية الجزائرية لموجة الربيع العربي، أنّ حالة هذه الأزمة يمكن فهمها في عدم قدرة صانع القرار الجزائري على إنتاج خطاب خارجي يوائم بين ميراث مبدأ "عدم التدخل" الذي صنع للجزائر هويةً دوليةً بمواصفات المحايد والوسيط المقبول، واعتبارات المصلحة الوطنية التي تقتضي تكييفًا مرنًا لهذا المبدأ. ومِثل هذا العجز هو الذي يفسر تراجع أداء الدبلوماسية الجزائرية في التعامل مع تداعيات ما سُمي "الربيع العربي" والقضايا الدولية الراهنة عمومًا.