تحاول هذه الدراسة فهم أسباب اندلاع الحراك الشعبي من منطلقات اقتصادية ومآلات الانتقال الديمقراطي من زاوية الاقتصاد السياسي. وتعالج تأثير نظام النموّ الاقتصادي المتّبع الذي يُعرف بالدولة الريعية، في الآفاق السياسية للمواطنين، وخاصة الشباب منهم الذين تولدت لديهم قناعة راسخة أنّ مثل هذه المنظومة لن تؤدي بهم، أخيرًا، إلى بر الأمان، بل ستؤدي إلى إقصائهم من الناحية الاقتصادية، بفعل الأداء السيّئ لهذا النظام. واتضح أن الأمر أصبح أشدَّ إلحاحًا لتبني نموذج نموٍّ أشمل وأَدوَم. ومع مرور الزمن، اتضح أنَّ تكلفة الإص اح عالية على الصعد جميعًا. وعوضًا عن أن تكون الإصلاحات السياسية رافدًا ومعينًا لمواصلة الإصلاحات الاقتصادية، أضحت هي العائق، وحازت أهمية أكبر حتى من الإص اح الاقتصادي في حد ذاته. وتخلص الدراسة إلى أنّ الحالة الجزائرية تُعَدُّ مثالًا للنموذج المستعصي على الانتقال الديمقراطي بكل أشكاله، إذ اكتفى النظام القائم بترتيبات دستورية محدودة، تتمثل أساسًا بالانتخابات. وقد عزز ذلك وضعية الدولة الريعية بكل تجلياتها، سواء تعلق الأمر بهشاشة النظام السياسي أو الأزمات المتلاحقة التي مر بها منذ الاستقلال إلى غاية اليوم.