عزّز المستعمِرون البريطانيون، في أكثر الأحيان، المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية لوطنهم الأم، وفعلوا ما اعتادوا فعله؛ ممارسة كرة القدم التي كانت - إذا استثنينا أهميتها في قضاء أوقات الفراغ - أداةً استعمارية في "تثقيف" الشعوب المستعمَرة و"ضبطها". وقد لجأت الأندية الأولى في شمال أفريقيا والمشرق إلى الحدّ من عضوية غير الغربيين، وغير البيض. لكنّ كرة القدم لدى الحركات الاستقلالية سرعان ما باتت أيضًا مرسِلًا عابرًا للحدود الوطنية، لتغدو الملاعب الرياضية فضاءات اجتماعية مهمّة على المستويين المحلّي والوطني. وحافظت كل أنحاء المنطقة على سلطة كرة القدم التحرّرية، من العصر الاستعماري إلى الانتفاضات العربية. لكن الثروة الهائلة لدول الخليج، وقرارها الاستثمار في القوة الناعمة لكرة القدم، أسهما في تغيير المعادلة. من هذا المنطلق، ستحاول هذه الدراسة أن تصف، من خلال منظور طويل الأمد، الاتجاهات التحرّرية، والاتجاهات المضادّة للتحرّر في تاريخ كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.