تسعى هذه الشهادة، التي كتبها أحد الرواد المؤسسين لعلم السياسة في المغرب، إلى أن تكشف كيفية تدرّّج دراسة الظاهرة السياسية المغربية، من المعرفة الاستعمارية، التي توزعت في حقول عدة (السوسيولوجيا، والأنثروبولوجيا، والتاريخ، والعلوم السياسية) - وكان هدفها في الأساس تطوير أدوات السيطرة، مع أنها أنتجت، معرفة لا غنى عنها في التطورات اللاحقة - إلى الوضع الراهن، الذي بدأ منذ لحظة الاستقلال في أواسط الخمسينيات من القرن العشرين، ونهض به باحثون مغاربة. وتشخّّص الشهادة أن لحظة ما بعد الاستقلال شهدت تطورات عدة، فقد بدا الحقل متابِِعًًا للأحداث السياسية، أي إنه أقرب إلى التحليل السياسي، وذلك في إطار ما تسميه الشهادة "نزعة تقديس الحاضر". وفي لحظة لاحقة، بدأ السؤال المنهجي عمّّا يميز موضوع الحقل، لافتكاكه من الحقول التي تداخلت معه عبر رحلته، سواء المعرفة الاستشراقية التقليدية، أو السوسيولوجيا، أو التاريخ السياسي، أو القانون الدستوري، ولتأسيسه حقلاًً مستقلاًً. وتنتهي الشهادة إلى رسم آفاق علم السياسة في المغرب، مؤسساتيًًا، وموضوعاتيًًا، ومنهجيًًا، وأجندة بحثية مستقبلية؛ إذ تلاحظ أنه شهد تطورات مهمة مع دخول الألفية الثالثة، تزامنت مع مأسسة الحياة السياسية في المغرب.