تأتي هذه الدراسة ضمن سياق البحث في أزمة بناء الدولة العربية عمومًًا، وليبيا على نحو خاص، التي تعاني منذ بدء ثورات الربيع العربي (2011) انسدادًًا سياسيًًا واحترابًًا داخليًًا وتعثّرات في التسويات بين مكوّنات الفضاء السياسي، تتغير صعودًًا وهبوطًًا، من دون أن تنجح في استكمال بناء الدولة وتكوين نظام سياسي جامع، أو إنتاج هوية وطنية موحدة. وتحاول هذه الدراسة البحث في معوقات استكمال بناء الدولة الحديثة في ليبيا، وتحديد مدى تأثير العامل الجهوي ودراسة موقع القبيلة في عرقلة بنائها. وتنطلق من فرضية أساسية، مفادها أن ليبيا تعثّرت، ولم تسلك مسارًًا تدريجيًًا في تكوين الدولة الحديثة، ولم تجتز مراحل التحول السياسي اللازمة لذلك؛ ما جعلها تبقى حبيسة ولاءات ضيقة تقطع الطريق على تعزيز الانتماء للدولة. وتخلص إلى أن مسار بناء الدولة المتعثر، ارتبط بمحددات قبلية وجهوية تقاطعت مع عوامل خارجية.