يمثّل كلٌّ من الاستيطان واحتلال الأرض العربية قيمة أساسية عليا في الأيديولوجية الصهيونية، ويحتلّان أهمية قصوى في سياسات مختلف التيارات الصهيونية سواء كانت "علمانية"، أو دينية، أو يسارية، أو يمينية. والاستيطان في الضفّة الغربية والقدس الشرقية المحتلّة، سياسة إسرائيلية كولونيالية مركزية ثابتة، تسعى إسرائيل من خلالها إلى تحقيق ما لم تحقّقه في حرب 1948 من الاستيلاء على أكبر قدرٍ من الأرض بأقلّ عددٍ من السكان العرب؛ فما إن احتلّت إسرائيل بقيّة الأراضي العربية الفلسطينية في حرب حزيران / يونيو 1967حتّى شرعت في الاستيطان فيها. وقد بلورت إسرائيل منذ سنة 1967 شيئًا فشيئًا مشروعًا استيطانيًّا كولونياليًّا في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلّة. تناقش هذه الورقة سياسة كسب الوقت التي تنتهجها إسرائيل، باستخدام أسلوب مزدوج ينحني للضغوط الدولية أحيانًا، ويسارع في وتيرة الاستيطان أحياًنا أخرى، وفي الحالتين يظل تنامي الاستيطان ثابتًا. فقد فتح غطاء المفاوضات الثنائية المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وتمكنت إسرائيل منذ اتفاقية أوسلو وحتى اليوم من زيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ثلاثة أضعاف وعدد المستوطنين في القدس الشرقية المحتلة مرّتين.