رافقت ثورات بلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط تحولات سياسية كثيرة أدَّت، في بعض هذه البلدان، على الأقل في ما أسفرت عنه من نتائج أولية في انتظار أن تضع الثورات أوزارها، إلى تغييب زعامات كثيرًا ما وُصفت بالتاريخية والأبدية، وتبوُّء قوًى سياسية معارضة سابقًا، الصدارة في مراكز القرار السياسي بعد تغييب وتهميش وإقصاء. بيد أنّ مسار التحولات الموصوف باختصار في الأسطر القليلة أعلاه، لم يكن المسار الوحيد الذي اتخذته هذه التحولات المصيرية في تاريخ المنطقة. ويشكِّل المغرب نموذجًا للدولة التي أفرزت فيها التحولات السياسية الأخيرة واقعًا سياسيًّا آخر غير ما ذُكر. بل يُجمع المتتبعون على أنّ النظام الملكي في المغرب - عكس ما توقعت بعض الأوساط - خرج بعد مرور عاصفة الربيع العربي، أصلب عودًا وأمكن رسوخًا. ومن تجليات هذا المسار/ الواقع، أنّ النظام السياسي المغربي، استغل الربيع العربي فرصةً، للإمعان في تغييب المعارضة السياسية وتقزيمها، ومحْو دورها أيضًا، ليدخل المشهد السياسي في المملكة العلوية مرحلةً غير مسبوقة من تاريخها، كاشفةً ومُعزِّزةً لكثير من مظاهر ما يمكن أن نسميه: "سريالية المشهد السياسي المغربي".