تقترن الثورة بالدولة، ويرتبط التفكير في الأولى بالنظر في الثانية، سواء في التاريخ أو النظرية السياسية. لذلك كان لا بدّ للثورات العربية وهي تطيح الأنظمة السلطوية أن تستدعي التفكير في الدولة. وكان لا بدّ لهذا الاستحضار أن يقود بالضرورة إلى مساءلة واقع "الدولة الوطنية" ومستقبلها. ومن هنا، فإنّ الإشكال الذي تذهب إليه هذه الورقة رأسًا هو: هل كانت الدولة الوطنية موضوعًا للثورة أم إطارًا لها؟ وتتناسل داخل هذا الأفق التحليلي العديد من المفارقات والأسئلة: هل الثورة إيذان بأفول "الدولة الوطنية" وغلق حاسم لمرحلةٍ كاملة شكّلت هذه الدولة عنوان استعصائها على التحديث والديمقراطية؟ أم هي ترسيخ متأخّر لشرعيتها بوصفها تعبيرًا مؤسسيًّا لمجموعة وطنية شكّل حدث الثورة أوج تكريس اندماجها كأمّة سياسية؟ وهل تحتاج فكرة الدولة الوطنية إلى إقبار نهائي؟ أم تحتاج إلى إعادة بناء؟ وهل كان "الربيع العربي" انقلابًا على "الوطنية/الوطنيات"؟ أم كان تكثيفًا لنضجها وتتويجًا لترسّخها؟