يعتقد علماء اللسانيات المعاصرون أن لا وجود لمعنًى تامٍ وثابتٍ للفظةٍ مفردةٍ خارج سياقها. فالسياق – سياقا المقام والمقال – هو الذي يمنح اللفظة معناها الوظيفي الآني في الجملة اللغوية. وهذا الرأي الذي قد يبدو متطرفًا يهدف إلى القول بأنّ المعنى المُعجمي للّفظةِ يظلُ معنًى أوليًا ناقصًا، لا يكتمل إلا بوجوده في عبارة تامّة. وكذلك هو الحال في مجال الدلالة السياسية؛ إذ لا يمكن منح الفعل السياسي المفرد – والمحدود – معنًى سياسيًا من دون وضعه في سياقه التام. والفعل السياسي حينئذٍ هو بمنزلة "الدالّ" الذي يبحث التحليلُ السياسي في مدلوله. قصدنا بهذه المقدمة القول إنّ تحليل السلوك السياسي لحزب التجمع اليمني للإصلاح وتأويله، منذ سقوط العاصمة صنعاء بيد المليشيات الحوثية في 21 سبتمبر 2014 وحتى الآن، لن يكون منتِجًا ما لم نرجع قليلًا إلى الوراء للكشف عن الخلفية التاريخية والاجتماعية للصراع بين تجمع الإصلاح وخصميه الرئيسين: الحركة الحوثية ونظام علي عبد الله صالح، بوصف الطرفين عنوان الصراع الراهن في اليمن.