ترتكز هذه الدراسة على فرضيتين رئيستين: تتمثّل الفرضية الأولى بأنّ الوثائق الإستراتيجية الأميركية تقوم بدورٍ لا يُستهان به في فهم الرؤية الشاملة والكلية للإدارات الأميركية المتعاقبة لتعاملها مع العالم الخارجي فقط. ولكنّها لا يمكن أن تُقدّم رؤية تفصيلية يومية لما ستقوم به الإدارة الأميركية في الأزمات المختلفة التي تتطوّر بصورة متسارعة، ولحظة بلحظة. بمعنى آخر، بإمكان تلك الوثائق الإستراتيجية أن تتوقّع الاتجاه العام لتحرّك السياسة الخارجية الأميركية تجاه القضايا الدولية المعاصرة فقط، إلا أنّها تظل قاصرة عن إدراك السياسات اليومية والآنيّة التي ستتّبعها الإدارة الأميركية تجاه كلّ قضية. أمّا الفرضية الثانية، فتنطلق من أنّ هناك ثوابت إستراتيجية ومتغيرات إستراتيجية ومبادئ حاكمة لكلّ وثيقة إستراتيجية أميركية يمكن من خلالها فهم الاتجاه العام للسياسة الخارجية والأمنية الأميركية، منذ نشأة تلك الوثائق وحتى الآن. وانطلاقًا مما تقدم، تحاول الدراسة قراءة نص إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2015؛ استنادًا على فهم السياق الدولي، والأهداف والأولويات، والمبادئ الحاكمة لها. ثم تقدّم الدراسة رؤية تحليلية للإستراتيجية الأميركية الجديدة؛ وذلك من خلال رصدها ستّة مؤشرات إستراتيجية كبرى في الوثيقة، وتسعة ملامح للتغير في تلك الوثيقة مقارنةً بوثيقة 2010 التي كانت إدارة باراك أوباما قد أصدرتها منذ خمس سنوات. وتنتهي الدراسة بخاتمة تحاول قدر الإمكان التوصّل إلى الرؤية الكبرى والكلية التي ستحكم إدارة باراك أوباما بها البيت الأبيض والسياستين الخارجية والأمنية الأميركيتين خلال العامين المقبلين.