هذه ورقة تحليلية في موضوع التدخل الروسي العسكري في سورية. وهو التدخل العسكري المباشر الوحيد لدولةٍ من خارج المنطقة، وقد سبقتها إيران بالتدخّل بأشكال أخرى. ولم ترسل أيّ دولة سواء أكانت عربية أم غير عربية، خبراء ومقاتلين ضد النظام السوري. فالنظام هو الطرف الذي جاء تدخّل الدول الأجنبية المباشر لمصلحته حصريًا. لن تقرأ الورقة هذا التدخل بمنهج القوى المتصارعة في سورية والوطن العربي حاليًا. فالناطقون باسم كلّ طرف يعدّون أيّ تدخل أجنبي لمصلحته تضامنًا، ويقبّحون أيّ تدخل لفائدة الطرف الآخر بوصفه تدخلًا إمبرياليًا؛ بل ستقرأ ذلك من زاوية دوافع روسيا نفسها التي قرّرت التدخل. فلسوء حظ القوى المتصارعة في الوطن العربي حاليًا، لا يقرر أيّ منها من يتدخل عسكريًا في منطقتنا. فهكذا يمكنها أن تستدعي مثل هذا التدخل أو تدينه، ولكنّها لا تقرر بشأنه. إنّ الذي يقرر عدالة قضية أو عدم عدالتها هو ليس التدخّل العسكري لمصلحتها، بل القيم والمبادئ التي تمثّلها، والممارسات التي تبررها بهذه القيم والمبادئ. تجد هذه المقولة في الحالة السوريّة أوثق إثبات لها لأنّ الدول الحليفة للأطراف السورية لا تتمايز فيما بينها بدرجة الأخلاقية. وهي تنحاز لهذا الطرف أو ذاك لأسباب لا علاقة لها بقضية الشعب السوري نفسها. لذلك يبقى عبء عدالة القضية ملقى كلّه على من يناضل في سورية. فهو الذي عليه أن يجيب عن سؤال التاريخ لاحقًا.