تناقش هذه الورقة الطبيعة المتغيرة للقانون الدولي التي ظلت مثار جدل ليس بسبب الزيادة المطّردة في شرعية معايير حقوق الإنسان بوصفها عنصرًا مفتاحيًا في تطور الوعي البشري، وإنما بسبب تناقضات تحليلية وعملية أقحمها مفهوم التضامن بالمعنى العالمي و/أو الإنساني. تقوم هذه النظرية الهيكلية الصاعدة على ضرورة اصطحاب التعاون الدولي بوصفه واحدًا من أهم الآليات لإزالة الإكراهات الهيكلية، ولإعادة صوغ مفهوم المسؤولية ونقله، من طبيعته المتشظية إلى طبيعة متجانسة موحّدة. ويرتكز هذا التحول على أسبقية الإنسان على الدولة. وبناءً عليه، تحاول هذه الورقة إيضاح الهياكل الفكرية التالية: أوّلها، مفهوم التضامن في السياق الاجتماعي، والسياسي، إضافةً إلى سياق دراسات القانون الدولي. أمّا ثانيها، فهو مناقشة التعديل المفاهيمي الذي أحدثته مقولة "مسؤولية الحماية"، في مفهوم السيادة الويستفيلي، بوصفه التعبير الأخلاقي والقانوني للتضامن على المستوى الدولي الذي ظل يمثّل المبدأ التقليدي لضمان الأمن والسلم العالميَين. أمّا ثالثهما، فهو التناول العربي للعلاقة المثيرة للجدل بين التضامن والسيادة، الذي يعكس في سياق الدولة العربية أزمة بنيوية، تتمثل بتفضيل المفهوم الواقعي الضيّق للأمن الوطني، على المفهوم النقدي الأوسع لأمن الإنسان في الإقليم.