يصعب تصوّر حضورٍ مؤثرٍ للسلفية في تركيا على الرغم من الحديث عن "انتشار" السلفية في البلاد. فالحديث عن هذا الحضور لا بد من أن يترادف مع أسئلةٍ منهجيةٍ تعبّر عن تحديات متعلقة بالبيئة الفكرية للمجتمع التركي، كما تتعلق بالسياق التاريخي والتنافس السياسي بين أهل السنة. ومن هذه الأسئلة: كيف يمكن للسلفية أن تحقق انتشارًا في مجتمعٍ متصوفٍ تبنت دولته الإمبراطورية منهج أبي حنيفة والماتريدية في التأويل والرأي، وتبنت جمهوريته الحديثة فلسفة الغرب والعلمانية؛ وكلاهما نقيضٌ للمنهج السلفي القائم على الاتباع والنقل؛ والمتمسك حرفيًا بما جاء في القرآن الكريم والسُنة وما نقل عن "السلف الصالح"؟ وكيف يمكن للسلفية أن تتجاوز الحاجز التاريخي والنفسي في تركيا الذي نشأ إثر خلافات عثمانية - سعودية في بدايات القرن التاسع عشر واستمرت آثاره الفكرية حتى وقت قريب؟