تبحــث هذه الدراســة في الديناميــة الاحتجاجية لمغرب ما بعد "الربيــع العربي"، وترصد "حراك الريــف" مــن حيــث ســياقاته المحليــة والوطنيــة والإقليمية، وأســبابه التاريخيــة والسياســية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتفاعل مختلف مكونات المشهد السياسي المغربي، ســواء الســلطات السياســية أو الأمنية أو الحزبية أو المجتمع المدني. وتســتخلص الدراســة النقائــص السياســية والدســتورية والقانونيــة التــي تجعــل الاحتجاج فــي الشــارع هــو الخيار المفضــل للمتضررين من الأثر الســلبي للسياســات العمومية المتبعــة. وانطلاقًا من حراك الريــف، ترصــد هــذه الدراســة خصائصــه وأهدافــه وتداعياتــه وأشــكاله النضاليــة والتنظيميــة والخطابيــة والتعبويــة؛ إذ إن الحــراك، علــى الرغــم ممّــا تعــرّض لــه مــن تجــاوزات مــن طــرف المؤسســات الرســمية، فإنه حافظ على ســلميته وطابعه الشــبابي وشــعبيته واســتمراريته وتمــدده الجغرافــي وتجــدد أســاليبه وقــوة تواصلــه وتنــوع أشــكاله النضاليــة والتنظيميــة، والحفاظ على مســافة تباعد مع الأحزاب الرســمية، والمزاوجة بين الراديكالية والمرونة، وبين طابعه المحلي وإشــعاعه الوطني والدولي. وهي خصائص توضح أننا بصدد تطور نوعي فــي الســلوك الاحتجاجي وأمــام جيــل جديــد مــن الحــركات الاحتجاجية يســتفيد مــن تراكم الحركات السابقة ويضيف إليها سمات جديدة.