تتناول هذه الدراسة مسألة الأمن من منظور بنائي، محاولةً تحليل إسهامات البنائية وتوضيحها، لا سيما التقليدية والنقدية، في الدراسات الأمنية، والتي شكل المنعطف البنائي نقلتها الفكرية. وتبين أن البنائية، أو بالأحرى البنائيات، أسهمت في إثراء مفهوم الأمن والدراسات الأمنية عمومًا وتطويرها على ثلاثة صُعد: يتمثل الأول في مقاربتها الأمن بوصفه مبنيًا اجتماعيًا وبينذاتيًا. ويتمثل الثاني في مراجعتها النقدية لمفاهيم المقاربات العقلانية المركزية، وتحديدًا مفهومي الفوضى ومعضلة الأمنية، ويتمثل الثالث في إقحام البنائية مفاهيم أساسية في دراسة الأمن؛ هي الهوية والمصالح والمعايير. بيد أن هذه الإسهامات تعاني بعض القصور لا سيما فيما يتعلق بالهوية والأمن، فضلًا عن الخلافات البنائية البينية التي حالت دون وجود إطار نظري بنائي واضح، وإن كانت البنائية النقدية أكثر إسهامًا تجديديًا في دراسات الأمن على عكس البنائية التقليدية. توصلت الدراسة إلى استنتاج أساسي مفاده أن البنائية لم تقدّم نظرية في الأمن قائمة بذاتها، بيد أن إسهاماتها المبتكرة، وكونها مرجعية نظرية لمقاربات الأمن الجديدة، تؤكد وجود منظور بنائي للأمن في نظريات العلاقات الدولية، حيث طوّرت مقاربات الأمن الجديدة، بطيفيها النقدي وغير النقدي، مظرية في الأمن ذات مرجعية بنائية. وهنا يكمن إنجاز البنائية النظري الأهم في الدراسات الأمنية.