يتواصل الجدل بشأن ثورات "الربيع العربي" وتقييم نتائجها، خاصةً في إطار ثنائية "النجاح/ الفشل"، واستنادًا إلى أدوات التحليل السوسيولوجي التي تؤكد إجمالًا قصور الثورات العربية وأفكارها. تجادل هذه الدراسة بأن للثورات العربية أهدافًا إصلاحية ذات مضامين قيمية ومعيارية، تَمَسُّ جوهر المسألة السياسية، ولا تقل أهمية عن الأهداف المادية، مثل إسقاط أنظمة الحكم، وتحاول تقديم قراءة مختلفة للحالة العربية اعتمادًا على منهجية معرفية مُغايِرة، وتسعى لإظهار مضامين الحراك الشعبي السياسية غير المادية، وذلك من خلال مدخل مفاهيمي ومنهجي جديد، يشتمل على أفكار وتصورات معيارية وسوسيولوجية. وفقًا لذلك، تركّز الدراسة على الأبعاد السياسية للمطالب الثورية التي تَكمُن في رفض الاستبداد على نحو قطعيّ وتأكيد حقوق الفرد الأساسية، وتحاول دَحض تقييم الثورات العربية بالفشل في تحقيق الانتقال الديمقراطي، وتفترض – في أثناء ذلك - أن الهدف الثوري غير المادّي يتمثل في إبراز ما يمكن تسميته "العودة إلى السياسة" بصفتها قاعدة حَامِلة للتغيير السياسي والديمقراطي المستقبلي، التي تعني الدعوة إلى إعادة التفكُّر في كل ما يخصّ المجال السياسي عربيًا، وبناء أُسُس جديدة لعلاقة تعاقدية متناسبة مع متطلّبات العصر بين الدولة والمجتمع.